أمينة العدوان من أديبات الأردن المعروفات اللواتي يفرضن على قرائهن احترامهن لأكثر من سبب، ويكفي أن نقرأ أعمالها الشعرية بمضامينها الإنسانية الوطنية لنعرف كم هذه الشاعرة الأديبة مغروسة في هم الوطن والقضية، ويعتبرها الأستاذ محمد المشايخ صاحب الدراسة المعنية من أبرز رائدات الأدب المعاصر في الأردن والوطن العربي.. فالكتابة عندها وخاصة الشعرية منها ليست ترفاً فكرياً ولا بذخاً أيديولوجياً.. إنها (والكلام للمشايخ) الخندق الوطني الذي استبدلت به الأبراج العاجية في الحياة عندما نزلت بمضمون قصائدها إلى الشوارع العربية مرفوعة الهامة والجبين.
دواوينها ثمانية.. التزمت فيها بالهم الوطني المعجون بصرخات الإنسانية المعذبة.. والتحدي الصلب، الذي يفل حديد وقضبان القهر. وظلم الإنسان للإنسان.
في الكتاب مقدمة كتبتها الشاعرة أمينة العدوان عن صورة الشهيد في تجربتها الشعرية، جاء فيها: “في وطن يستيقظ مواطنوه في الصباح على صوت جرافة قادمة، يتساءلون: ماذا سيأخذ هذا الغريب اليوم؟ السرير/ أم البيت، أم المزرعة، أم المصنع، أم كوب الماء، أم صحن الطعام؟؟”.
“ما دامت قرى فلسطين
وبيتي
هي التي تهدم
وأن أراضيّ التي تسرق
وتصادر..
وما دام أولادي ينامون في العراء، في الخيمة، على الرصيف،
ينامون على الأرض، تحت الشجر..
سأبقى أتحدث عن أرض صودرت..
وبيت هدمت..
وقرى أخليت..
وعن أبناء وطني الذين يطردون
من أوطانهم في ساعات الليل المظلمة..”
كثيرون كتبوا قصيدة النثر، إلا أنها هنا عند أمينة العدوان ذات لون خاص وملامح متميزة كرستها الشاعرة كمدرسة خاصة بها.. فقصائدها بصمات وضربات قلب فيها غضب وعنف، ودماء حارة، وفيها أسى وحزن وتحدٍ ووعيد.. كلمات قليلة ولكنها مركزة وفاعلة فيها صور متلاحقة لا تبتعد عن المحسوس والواقعي الذي تحمل همه الشاعرة:
“ما أجمل موته..!!
جعل من الموت حياة”!
وفي قول آخر:
“يدي ليست خاوية..
يرى فيها العدو المدن وهي تزدحم بالسكان..”
وقول ثالث:
“أرى الوطن العربي ركاماً، تراباً، حجارة..”
فكلمة الحجارة هنا هي الصورة النهائية لما آلت إليه حال الوطن العربي أي “الانتفاضة”.
وأزعم أن القراءة السطحية لأشعار أمينة العدوان لن تحقق الهدف ولن تفيد القارئ ولا الشاعرة.. فإن تحت الغلالة الرقيقة هذه أعماقاً مليئة بنفائس الصور والمعاني التي لا يصل إليها إلا من يتفكر وهو يقرأ الـ 616 قصيدة القصيرة التي تضمها دواوين أمينة الثمانية.
وبقي أن نشكر الكاتب محمد المشايخ على جهده الملحوظ في وضع هذا الكتاب المفيد لا غنى لنا عنه إذا نظرنا باهتمام إلى أشعار الشاعرة كينبوع للحس الوطني والإنساني المقاوم!