حول التجربة الشعرية للشاعرة

بأقلام مجموعة من الكتاب

 ديوان جديد للشاعرة أمينة العدوان

عن دار الكرمل للنشر والتوزيع في عمان صدر مؤخراً، ديوان شعري جديد للشاعرة الأردنية أمينة ماجد العدوان، يقع في ثمانين صفحة، ويتضمن عدداً من القصائد التي كتب مقدمتها الأديب خليل السواحري، ويقدم هذا الديوان الذي يحمل عنوان (قصائد عن الانتفاضة) رؤية فكرية وفلسفية لواقع  الانتفاضة الحالي ومستقبلها، ويركز على ما فيها من وعي وتنظيم وابتعاد عن الغوغائية، وترى الشاعرة فيها ظاهرة حضارية وتقدمية، وحرباً ضد الإذلال والعبودية، وضد الإبادة والإلغاء، وتتحدث شعرياً عن إيجابيات الانتفاضة التي تطورت من الحجر إلى وسائل أكثر تأثيراً في العدو. وترى أن كل ما في فلسطين يحارب العدو ابتداءً من الكوفية والثوب المطرز وانتهاءً باللوحات الشعرية.. وتركز الشاعرة أمينة العدوان على الدلالات العامة للانتفاضة من حيث العمل الجماعي، والتضامن والمؤاخاة والروح الإيجابية إبان الانتفاضة وفعالياتها، وإبان الإضرابات والمظاهرات، بالإضافة إلى مشاركة كل شرائح المجتمع الفلسطيني بها رجالاً ونساءً وأطفالاً، وتشيد بهذه الشرائح، وتبرز دور الكتاب والشعراء والرسامين، والمسرحيين والفولوكلوريين، والصحفيين، وأثر ما ينتجه هؤلاء في الاحتلال الذي يخشى اسم فلسطين، مثلما يخشى العلم الفلسطيني والمتحف الفلسطيني والمجلة الفلسطينية.

وفي ديوانها الجديد، تركز الشاعرة أمينة العدوان على أبعاد ثلاثة، أولها: إبداع القصيدة المكثفة التي تتضمن المعاني الوطنية السامية الكبيرة في أقل  عدد ممكن من الكلمات، وثانيها: إبداع القصيدة التسجيلية التوثيقية، فهي باستمرار تذكر أسماء الأماكن والأعلام والدول، وكثيراً ما تذكر عدد الشهداء والجرحى والمعتقلين، وغيرها من الأرقام الضرورية، وثالثها: إبداع الأناشيد والقصائد الغنائية.. حتى أنها في إحدى قصائدها التي تحمل عنوان (الأغنية الوطنية) تدين الاحتلال الإسرائيلي أن جنوده ألقوا قنبلة غاز على محل لبيع الأغاني الوطنية، فاختنق صاحب المحل وطفلاه.

الدستور الأردنية 18/4/1991

* نظرة في ديوان “أخي مصطفى”

للأديبة “أمينة العدوان

المرحوم مصطفى بن ماجد العدوان هذا الفارس الذي رحل قبل الأوان! والعدوان قبيلة أردنية نجيبة أحببتها كما أحببت كل شيء في الأردن، ناسه، وسماءه، وأرضه، ونسمات هوائه.

والمرحوم مصطفى خالد في قلب كل من عرفه، وجاءت شقيقته الشاعرة الأديبة السيدة أمينة تثبت صورته في قلوب الأجيال بديوانها هذا (أخي مصطفى).

لقد عرف المرحوم قيمة الرياضة في حياة الأمم الراقية، كيف تعلم الشاب:

*القيم، والأخلاق، والسيطرة على النفس والرجولة، والأنفة، والاعتراف، بحقوق الناس، والمحافظة على حقوقه الشخصية والغيرة على الكرامة، مزايا كان يتمتع بها الفارس المرحوم مصطفى بن ماجد العدوان، ماجد الزعيم الذي أحببته واحترمته!

يقول عليه الدكتور معن باشا أبو نوار “كان مصطفى شيخاً طبيعياً عفوياً لم يستشخ، وزعيماً شبابياً لم يتزعم، كانت القيادات الشبابية خصلة من خصاله الحميدة، العديدة، نبعت من حبه الوطني، وعفويته الأردنية، التي لا تعرف العصبية أو القبلية.

كان أردنياً حتى العظم، وعربياً حتى النخاع، إنها أوصاف دقيقة لأردني متميز!

أما الديوان فإنه مفاجأة شقيقة مفجوعة، يعبر عن قلب سحقه الحزن! فتخاطبه بلوعة لا ضجيج فيها إنها لوعة القلب المفجوع الذي تسحقه الآلام بصمت، يضاعف ألم الفجيعة، وبعمقه في القلب فتقول:

*وداع – الأيدي تصافح أشياءه التي تطوى،

وكأنها وداع!

*عند اللعب: واسمك لا تغيره

إن انهزمت، صافح خصمك،

وإن انتصرت، لا تتعال

وأسماء الآخرين لا تنس أن تنادي

*الغياب: ويرحل ويكون الغياب أرقاً،

فكيف تغمض العيون

وتنام؟

*المسيرة!

شق طريقاً

ولم تكن هذه الطرق من قبل

لا أستطيع أن أنظر إلى هذه الطرق بدونه

ولا أستطيع أن أسير إلا في الطريق الذي سار فيه

أرى طرقاً تنشق، خطوات تعلو

وأنا أحمل ما حملت يداه

ولا القيه!

*الحياة والموت

عيون دامعة تحدق بي

يبد أني ما زلت أقيم هنا

حتى الأيدي التي تصافحني مودعة

اسمعها تقول إلى اللقاء

***

*نتقدم

يتقدمك

وأسفاه

ونتأخر

متى، الآن، فيما بعد،

لا ندري،

ولكن سنلتقي يوماً

ونحن نطرد الموت الذي يطارد الأقدام

بأن نسير ولا نتوقف

ونترك على الطريق خطوات تتقدم، تتقدم

بمثل هذه اللوعة تودع أمينة شقيقها الشيخ الفارس الذي ترجل قبل الأوان!

فرحم الله فقيد الأردن العزيز وفقيد الشباب.

 

روكس بن زائد العزيزي – الرأي الأردنية

صدر حديثاً

ديوان جديد للشاعرة أمينة العدوان

عن دار الكرمل للنشر والتوزيع في عمان صدر مؤخراً الديوان الثاني عشر للشاعرة الأردنية أمينة العدوان بعنوان قصائد عن الانتفاضة الذي يعتبر الديوان الرابع لها ضمن سلسلة دواوينها الخاصة بالانتفاضة منذ تفجيرها بتاريخ (8/2/1987) وقد أشار الأديب خليل السواحري في كلمته المنشورة على الغلاف الأخير من هذا الديوان إلى أن سلسلة إصدارات أمينة العدوان عن الانتفاضة الفلسطينية تستحق أن يتوقف عندها النقاد والدارسون ليس لقيمتها النصية الأدبية فقط، ولكن لما تحمله من مضامين إيجابية عميقة، ومن رؤى تختزل النضال في لحظة تعبيرية مفعمة بالإيجاز والصدق.. وأضاف أن الشاعرة أمينة العدوان ترى الأمن المفقود لدى الطرف الإسرائيلي والمعاناة الفلسطينية من الأبعاد ونسف المنازل ومحاولات الاقتلاع لحضارة برمتها من الجذور.

الشعب الأردنية

للكاتبة والشاعرة الأردنية المعروفة أمينة العدوان صدر ديوان جديد بعنوان أحكام الإعدام، قصائد الديوان تنتمي إلى القصيدة القصيرة التي تستعيض بالتكثيف عن الاستطالة والقصائد مكتوبة بهاجس الاستجابة الوجدانية والروحية للانتفاضة من قصائد الديوان بعنوان لن نختفي تقول الشاعرة:

اقتلعت عيني

من رصاصة مطاطية

أبي لم يعد يسمع من التعذيب

ابني أصيب بالشلل من ضرب الهرواة

أخي اختنق من قنبلة غاز

زوجي قتل من رصاصة

أدفن. أجرح. اقتل

أيها المحتل منا.. ما تريد

فلن نختفي!

 

الدستور الأردنية 31/7/1992

أحكام الإعدام

للشاعرة: أمينة العدوان

وفي الوقت الذي يتبادل فيه بعض الشعراء العرب المعاصرين التأثر والتأثير، وفي الوقت الذي أصبح فيه الشعراء العمالقة أساتذة بمدارس شعرية يتتلمذ فيها بعض هواة الشعر، أصبح من العسير على معظم الشعراء أن يكتبوا باستقلالية تامة، أو أن يكون لكل منهم أسلوبه وقاموسه اللغوي الخاص به، غير أن الشعراء الحقيقيين والأصلاء، يبدعون الجديد والمستقل، ويستطيعون التأثير بغيرهم دون أن يتأثروا.. نسوق هذه المقدمة، بعد الإطلاع على دواوين الشاعرة أمينة العدوان: وطن بلا أسوار، أمام الحاجز، غرف التعميد المعدنية، فقدان الوزن، قصائد الانتفاضة، من يموت، أصوات ثائرة (مشترك)، الأعمال الشعرية الكاملة، وأخيراً ديوان (أحكام الإعدام) الصادر في عمان عن دار الينابيع للنشر والتوزيع ففيه تتألق أمينة العدوان شعرياً، وتتجلى فنياً، تنتقي من اللغة أكثر مفرداتها إيقاعاً وحماسة، ومن الصور الشعرية أكثرها تحليقاً وخصباً وعطاءً، فتواكب أحدث المعطيات الجمالية لشعر العربي المعاصر، غير أنها كعادتها تحافظ على تميزها وتفردها واستقلاليتها على الصعيد الفني، أما على الصعيد الموضوعي، فهي من أكثر الشاعرات العربيات التزاماً بالهموم الوطنية لشعبها ولأمتها العربية، لذلك نراها تشجب وتدين وتنتقد وتسلط سهام الحقد للأعداء وللطامعين بالأرض المحتلة.. نراها تقف إلى جانب العراق، وتناصره، وتدين الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، أما فلسطين والانتفاضة، فهي ذات الحظ الأوفر في شعر أمينة، فهي تتوقف عند الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الضفة الغربية، وتتحدث شعراً عن الشهداء، والمعتقلين، والجرحى، عن الأطفال الأيتام وعن الأرامل من زوجات الشهداء، عن المنسوفة منازلهم، والمغلقة مؤسساتهم التعليمية، والصحية، عن حظر التجول ومنع السفر.. هذا هو هاجس أمينة يضاف إليه إشادتها بالمقاومة، وبرجالها، وبكل المناضلين والصامدين.

وهكذا هو أدب أمينة في قصائدها، تشارك المدن العربية المحاربة في نضالها، وتحرض المدن المتفرجة وتحثها على المقاومة، إنها شاعرة مجددة على صعيد أدب المقاومة خصوصاً، وأدب المواجهة عموماً.. يقول الدكتور حسين جمعة في خاتمة هذا الديوان: “شعر أمينة ضرب من النثرية المحببة التي تجعل من الخواطر المتسارعة لوناً من الشعر الحانق المدمر، إنه ثورة عارمة متفجرة، ومدمرة، يقلب أحزان الأمة، ويدين هشاشتها، وسواد عيشها وقلة حيلتها وضعف إرادتها وتخاذلها أمام عدوها الغاشم، فتحس به وكأنه نغمة حادة قاسية تثير الأشجان، وتدفع إلى التفكير بكل ما يجري من أحداث، فيتقد الحماس في الصدور، ويتأجج التحفز في العقول والقلوب”.

لقد كتبت أمينة العدوان الخاطرة الفلسفية، فكان كتابها (محدودات بلا حدود). وكتبت الدراسات النقدية، فكان كتاباها: مقالات في الرواية العربية المعاصرة، ودراسات في الأدب الأردني المعاصر وكتبت القصة، فكانت قصتها: سعادة المدير وتقلدت أمينة العدوان مناصب كثيرة كان من بينها رئاسة تحرير مجلة أفكار، ورئاسة القسم الثقافي في وزارة الثقافة، وعضوية الهيئة التأسيسية لرابطة الكتاب الأردنيين وعضوية الهيئة الإدارية أيضاً.. فكان هذا التنوع في الإنتاج دليلاً على أن أمينة غير أحادية النظرة، وكان تنقلها بين المناصب الثقافية المتنوعة، دليلاً غنياً في التجربة والدربة، ودليلاً أنها مؤهلة لهذه المناصب القيادية الرفيعة. وقد انعكس ذلك كله على شعرها.. الذي يعكس ثقافتها الواسعة والمتنوعة والغنية، والذي يؤكد مقدرتها وتمكنها من إعادة صياغة كافة المواقف الوطنية والسياسية شعراً.

بقي أن نقول أن أمينة العدوان من أكثر الشعراء العرب تأثراً بالإحباطات والنكسات التي تتعرض لها أمتنا، غير أنها تستسلم للواقع المنهزم، فسرعان ما تدعو شعرياً للنهوض وللصمود وللرفض والمقاومة، وبالتالي، فإن شعر أمينة ينتمي للشعر التحريضي المقاوم، وللشعر الذي يضيء شموع الفرح في انطلاقه، وللشعر الذي يفضل الفعل على الكلام والاستسلام.

 

محمد المشايخ

الدستور الأردنية

أمينة العدوان دانت العدو وأصدرت أحكاماً بالإعدام

واكبت الأديبة الأردنية أمينة ماجد العدوان، حركة النقد وأصدرت كتابين نقديين هما: “مقالات في الرواية العربية المعاصرة” و “دراسات في الأدب الأردني المعاصر” كما شاركت في الوقت ذاته في الإبداع الشعري عبر تسعة دواوين هي: “وطن بلا أسوار”، “أمام الحاجز”، “غرف التعميد المعدنية”، “فقدان الوزن”، “قصائد للانتفاضة”، “من يموت، الأعمال الشعرية الكاملة”، “أصوات ثاذرة” (بالانجليزية مشترك).

وفي ديوانها الجديد “أحكام الإعدام” الصادر مؤخراً عن “دار الينابيع للنشر والتوزيع” في عمان، توجه أمينة العدوان طلقاتها الشعرية الحارقة نحو “التحالف الثلاثيني” ضد العراق، وتعكس ردة فعلها إزاء ما أوقعه بهذا القطر من خسائر في الأرواح والممتلكات، وما يتمتع به العراقيون من جرأة وقدرة على إعادة البناء وتعويض ما تم فقده.. كما تدين الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لحقوق الإنسان في فلسطين وما تمارسه آلة الحرب الصهيونية لوقف الانتفاضة. وتتصدى شعرياً للاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على لبنان ومخيماته، وتشيد بالمقاومة الفلسطينية.

هكذا هو دأب أمينة في قصائدها، تشارك المدن العربية المحاربة في نضالها، وتحرض المدن المتفرجة وتحثها على المقاومة. إنها شاعرة مجددة  على صعيد أدب المقاومة خصوصاً، وأدب المواجهة عموماً، إنها تشجب الأعداء وتدينهم، وتمتدح مقاوميهم وترفع من مكانتهم.

يقول الدكتور حسين جمعة في خاتمة هذا الديوان: “شعر أمينة ضرب من النثرية المحببة التي تجعل من الخواطر المتسارعة لوناً من الشعر الحانق المدمر، إنه ثورة عارمة، متفجرة، ومدمرة، يقلب أحزان الأمة، ويدين هشاشتها، وسواد عيشها وقلة حيلتها وضعف إرادتها وتخاذلها أمام عدوها الغاشم، فتحس به وكأنه نغمة حادة قاسية تثير الأشجان، وتدفع إلى التفكير بكل ما يجري من أحداث، فيتقد الحماس في الصدور، ويتأجج التحفز في العقول والقلوب”.

 

المحرر الباريسية – 3/8/1992

في مجموعتها الجديدة قصائد عن الانتفاضة

تأتي مجموعة (قصائد عن الانتفاضة) إضافة جديدة للأديبة العربية الأردنية أمينة العدوان بعد أعمالها الشعرية والنقدية والفكرية، فقد صدر لها من قبل في الشعر (وطن بلا أسوار) 1982، و (أمام الحاجز) 1983، و (غرف التعميد المعدنية) 1985، و (فقدان الوزن) 1986، و (من يموت) 1988، وفي الفكر الفلسفي (محدودات بلا حدود) 1967، وفي الدراسات الأدبية والنقدية (دراسات في الأدب الأردني المعاصر 1976، و (مقالات في الرواية العربية المعاصرة) 1976.

والأديبة الشاعرة أمينة العدوان من مواليد عمان، أتمت دراستها الثانوية في مدرسة راهبات الناصرة، ثم تابعت دراستها الجامعية في القاهرة، ثم حصلت على دبلوم في “النقد المسرحي” كما درست الفلسفة في  (عين شمس).

وإذا كانت بداية رحلتها الأدبية والفكرية قد تأثرت بالفلسفة المثالية وطلعت بكتابتها (محدودات بلا حدود) وهي لم تتجاوز من العمر ستة عشر عاماً، إلا أن الأحداث السياسية إثر نكسة حزيران 1976 جعلتها تعيد النظر في رؤيتها للأدب. إذ أن الواقعية أثارت في كتابتها علاقة الإنسان بالوطن والأرض، وتجذر في شعرها مفهوم الواقع الذي يعاني قضاياه الإنسان العربي.

والأديبة (أمينة العدوان) من مؤسسي رابطة الكتاب الأردنيين، وقد  عملت في وزارة الثقافة والإعلام في الأردن وشغلت رئيسة تحرير لأكثر من مجلة، كما أنها شاركت في الحركة النسائية الأردنية من خلال عضويتها في الاتحاد النسائي في الأردن.

ومجموعتها الجديدة (قصائد عن الانتفاضة) الصادرة عن دار الكرمل في عمان تقع في سبع وثمانين صفحة من القطع الصغير، وتضم سبعاً وستين قطعة شعرية سجلت فيها زمن الانتفاضة العربي داخل فلسطين بوعي إبداعي له علاقة بالذات المتفاعلة مع الحدث، والمنسجم مع الواقع الثوري لمفهوم الانتفاضة، وإذا كان البطل في الرواية هو صاحب الحدث والبناء في التكوين الروائي، فإن شخصيات الانتفاضة في قصائد هذه المجموعة تشكل الوعي الشعري للبطل الإبداعي الذي جاء بالأسطورة أو الملحمة التي هزت ضمير العالم..

ولعل (أمينة العدوان) في نصوصها هذه تقدم رؤيا فيها من الإشراق لموضوع من الصعب فيه أن يوقف الزمن لحظة التصوير الفني، وذلك يعود للذاكرة الثقافية التي تمتلكها، فهي في مطلع مجموعتها تبدأ بنص (إلى شهداء الانتفاضة) وهو على الرغم من أنه يقف عند سطور خمسة إلا أنه يتجاوز في اللغة احتراقاً يضيف إلى الانتفاضة رمزاً من رموزها النضالية.. إنها تقول:

أيها الشهيد

وجهك حين يضيء الظلمة

لا يكون القمر، لا يكون الشمس

وجهك حين يضيء الظلمة

يكون الأرض

وها هي الشاعرة في نص آخر بعنوان: (الانتفاضة من الداخل) تكثف صورة النضال برموز أو اشتقاقات لغوية فيها من الدهشة والعمق في تقديم مفهوم الثورة أو النضال اليومي..

جذور في الشارع

تموت

جذور في الهواء

تضيع

جذور في الحديقة

أشجار..!

وفي هذا الاتجاه تتابع أمينة العدوان نصوصها الإبداعية الشعرية التي تمتلك فيها مفهوم الرمز، ومعنى المفردة أسلوبياً، وكأنها تعمل على هندسة اللغة من منظور مجازي يعادل الهم النضالي بعيداً عن الخطابة والصراخ والعويل، فهي لا تكتب عناصر للخطاب السياسي، وإنما تضع تفجيراً لغوياً لموضوع يمثل موقفاً حياتياً يتجاوز في معناه الواقع الفردي ليشكل زمناً جماعياً وواقعاً جماعياً، فهي تقول في نص (مجلس الأمن والفيتو):

وهو يسحب حبل المشنقة

من رقبة القاتل

أرى قتلي يجري في هذا المجلس

وما زلت أقتل، في مكان حدوث الجريمة

وإلى جانب هذا النوع من التشكيل الفني، تأتي أمينة العدوان بنصوص شعرية فيها من التصوير الواقعي، بلغة بسيطة، تشعر وأنت تقرأ أنك في المعايشة اليومية، لكنك تشهد أنك في نهاية هذا النص أو ذلك أمام شعر يسجل تاريخاً للملحمة النضالية بكل مواقعها، و (الكاميرا) التي تحملها الشاعرة لها عدسة لا تعرف المعجم اللغوي من منظار العين الباصرة وإنما برؤيا تبين التصاق الإبداع من جزئيات الواقع، وتصديه لنقد هذه الجزئيات دون أن يكون هناك التفات إلى علاقة التصوير الفوتوغرافي أو الغموض في التصوير البياني، إنها تقول في نص (المعتقلات):

وقد أصبح وطني لكل من يريد أن يكسر قيوده معتقلاً

إلى متى يريد أن يبقى جلاداً؟

ألا يكفي؟

إنه في اليوم الذي يعتقلني يأتي آخر ويقف مكاني..!

وأمينة العدوان في نصوص أخرى تقترب بلغتها لتشارك الانتفاضة بأدواتها وكأنها شاهد عصر مفعم بحركة يومية، هي حركة الاستيطان، والاعتقال، والحرائق، والحجارة، والشهداء، والمرافعات اليومية، وهي – الشاعرة – مقتنعة أن الهاجس القومي يجعلها هي والكلمة – جزءاً من النضال، حتى وإن كانت تفقد ملكيتها الذاتية، لتحتضن الهموم التي تنداح لتشمل القضية الكبرى في التعبير عن الكم والكيف لفعالية النزق اليومي لهذه الانتفاضة ولو كان ذلك بلغة وأرقام تجيد اختزال الواقعة، فهي تقول في نص (الصحافة الوطنية):

أيها الرقيب الذي صار مجلة وجريدة

واعتقل أربعين صحفياً، ومئة واثنين وعشرين كاتباً ومحرراً

حتى لا يقرأ أحد ما نكتب، سنبقى نكتب

الكلمات التي نكتبها

ستخبركم بالظالم الذي يلحق بنا

ستخبركم به الكلمات

هذه الوقائع جاءت قصائد في خطورتها تشكل – قصيدة النثر – ذات التشكيل اللغوي الذي يسقط من حسابه الإيقاع العروضي، والنغمي، ليسجل هاجساً في الإيقاع الداخلي، وهذا يعني أن الشاعرة تجاوزت التفعيلة في موسيقى الشعر وأكدت الهاجس النفسي في مستويات عدة جمعت بين موازنة لنص حققت فيه تقنيات القصيدة من تكثيف وغموض فيه إشراق فني بعيد عن الإيهام، وهذا نابع من توظيف المفردة أو الجملة، ولذا نرى أن هذه المفردة عندها أخذت البعد الوظيفي أو المهمة الكاملة لمفهوم الرمز، ونص واقعي عادي فيه من التقريرية والنثرية الجميلة في إطار جملي تشعر أنك أثناء قراءته، أمام هدم لقضايا شكلانية هي خارج المشهد الشعري في موروثه.

إن الانطلاق بوعي فني تجيد رسم القضية بالكلمة، وكانت آخر قصيدة في المجموعة (فلسطين):

في النسيج المصادر

في المتحف المغلق

في الثوب المسروق

في المسرحية الموقوفة

في الكتاب المصادر

في الأغنية الممنوعة

في القرى المهدومة

في المعتقل في قبور الشهداء

في العلم

في الكوفية

في الحجر

في هؤلاء

يقيم الوطن

يكون..!

 

                                                                     أحمد دوغان

البعث السورية 17/1/1993

مع الكاتبة أمينة العدوان

* كانت مفاجأة جميلة تلك التي جمعتني، من غير ميعاد، مع أربعة كتب لأمينة العدوان، ولاحظت أنها لم تكن مهداة لأحد:

– قصائد على الانتفاضة

– أحكام بالإعدام

– أخي مصطفى

– قصائد على الانتفاضة

* وقلت في نفسي القراءة خير من التنبلة والنميمة خير من الصمت.

* وبعد أن أكملت قراءة المجموعات الأربع تعمدت، اختيار شاهد من كل كتاب يدل عليه ويومئ بصورة ما إلى مضمونه:

– “هنا حيث الملثم يدفنون مدينته ويشيدون مدينتهم. هنا لم يعد يدين أن يمكث: وخارطة كان يحملها تتمزق الآن بالسكاكين”.

– “أراد أن يخفي بلون الدين والتاريخ. يزرع نفسه في الأرض ظلاً أسود وهو يعلم أن من تلفظه الأرض يموت”.

– “ما الذي ينتزع مني؟ أرى من غرفته نسراً يغيب ومن النافذة تطير أجنحة”.

– “اقتلع عينيه وأطفأ أعقاب السجائر في وجهه.. وقطع بالسكين جسده.. وحمل أحشاءه وانصرف.. أعتقد أنني لا رأيت ما لا يحتمل”.

***

* وأوضح فيما سجل من شواهد النبض الشعري وكثير مثله ورد في المجاميع الأربع، يتصل بهذا النبض الشعري كلام سردي تغلفه غلالة رقيقة من الرمزية الواضحة، وواضح أيضاً في الشاهد الثالث وجعها الصادق على فقيدها.

***

– إن بعض النقاد والشعراء يلعنون كل ما هو غير عامودي من الشعر.

– والبعض الآخر منهم لا يعترف بكل ما هو عامودي ويؤمن فقط بشعر التفعيلة.

* وهناك من يؤمن بأن النثر الفني الوجداني المكثف شعر “محمد الماغوط مثلاً”، والحق أن الشعر مستحيل تعريفه ولكنني صنفت كاتبتنا كما أصنف الشاعر محمد الماغوط.

 

خالد الساكت – الرأي الأردنية