في الوقت الذي يعتمد فيه عدد كبير من النقاد العرب المعاصرين على النظريات النقدية المستوردة من الشرق والغرب، نجحت الأديبة الأردنية أمينة العدوان في أعمالها النقدية الصادرة مؤخراً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، في التأسيس لمنهج نقدي خاص بها، يستند على الصعيد الموضوعي إلى المثل والقيم والمبادئ الوطنية التي تؤمن بها، حيث كان نقدها انعكاساً للجماليات التي تكنها في داخلها، وللنظرة البريئة والنقدية التي تطل من خلالها تجاه العالم.. فهي في كل كتاباتها ضد الأخطاء التي ترتكب بحق الإنسان.. وليس أدل على ذلك إلا المجلدين المتضمنين أعمالها الشعرية الكاملة.. حيث يغطي المجلد الأول عطاءها الشعري خلال السنوات 1982 –1988، أما الثاني فيتضمن قصائدها خلال السنوات 1988 –1993، وهكذا تنطلق أمينة العدوان عبر مئات القصائد وعشرات الأعمال النقدية من بيروت، لتؤكد للعالم أن أديبات الأردن، وهن يعكس الوجه المشرق للحركة الأدبية الأردنية، قادرات على تحقيق التواصل فيما بينهن وبين القراء العرب أينما كانوا.
وليست هذه المرة الأولى التي تتجاوز فيها أمينة العدوان الساحة الأدبية المحلية، فقد تمت ترجمة قصائدها إلى اللغة الانجليزية، وثمة من يترجمها إلى اللغة الفرنسية، وسبق لها أن نشرت كتاباتها الإبداعية في عدد من الصحف والمجلات العربية، وقريباً ستظهر بعض قصائدها في مجلة (أدب ونقد) المصرية، ضمن العدد الخاص الذي ستصدره المجلة بالتعاون مع رابطة الكتاب الأردنيين.
وإذا ما عدنا للأعمال النقدية للأديبة أمينة العدوان، فسنجد أن تجربتها النقدية تجمع بين جيلين في مسيرة الأدب العربي، جيل الرواد المؤسسين، وجيل الشباب.. ولأنها مواظبة على مواكبة كل ما يصدر لهذين الجيلين، فقد اضطرت للانتقاء، فهي بحكم خبرتها وتجاربها ومعرفتها بالأدباء الأردنيين والعرب.. تعرف أيهم أقدر على التعبير الصادق الجميل عن وقع الوجود على الوجدان.. وبالتالي تتناول أعمالهم بالنقد والتقييم.. لذلك نجدها تتوقف لدى أعمال كل من الأدباء: جمال الغيطاني، صنع الله إبراهيم، هاشم غرايبة، تيسير سبول، عبد الرحمن منيف، رشاد أبو شاور، فتحي غانم، إقبال بركة، غالب هلسا، سحر خليفة، إسماعيل فهد إسماعيل، نوال السعداوي، يوسف القعيد، عنايات الزيات، أميل حبيبي، إسماعيل ولي الدين، علي البتيري، محمد القيسي، عرار، فخري قعوار، محمود سيف الدين الإيراني، خليل السواحري، بدر عبد الحق، جمال أبو حمدان، إبراهيم العبسي.. هذا عدا عن كتاباتها عن المسرح الأردني المعاصر.
لقد وضعت أمينة العدوان في كتابها هذا الأسس المتينة التي انطلق منها فن الشعر، وفن القصة، وفن الرواية وفن المسرح سواءً على صعيد الأردن أو الوطن العربي، وبالتالي استحقت شهادات عدد كبير من الأدباء والمبدعين العرب والأردنيين، منهم على سبيل المثال لا الحصر:
– روز غريب الذي كتب في جريدة النهار اللبنانية:
دراسات أمينة العدوان تبغي التعبير عن وعي جديد وعميق لمشكلات الشخصية العربية، يجسده التطور الحالي في القصة والمسرحية العربية، باقتحامها درب الرمز واللامعقول، أي الدروب الصعبة في هذين الفنين.
– والدكتور عصام موسى الذي كتب في جريدة الرأي:
أمينة العدوان ناقدة تستحق التقدير.. هي صوت حي غاضب أحياناً، سريع الإيقاع أحياناً، وبطيء واضح جداً أحياناً أخرى.. إن هذا الصوت الأجمل لا يتورع عن أن يخبرنا من نحن، ولو من خلال رواياتنا المعاصرة في مختلف البطاح العربية، ليبقى هو الصوت الوحيد، الذي لم يحرق نفسه بنفسه، الصوت الناقد الحقيقي، في ساحة النقد العربية.
– والدكتور سمير روحي الفيصل الذي كتب في جريدة الثورة السورية:
إن أمينة العدوان لم تكشف في أية رواية من الروايات التي حللتها بالحديث عن مضمون الرواية، بل وقفت عند الشكل الفني لها من حيث استخدام السرد السريع أو التقطيع أو التداعي أو اللغة أو الحوار أو الجمل والتراكيب.
– والكاتب غازي التدمري الذي كتب في جريدة أخبار الأسبوع من حمص/ سوريا يقول:
تقدم أمينة العدوان في دراساتها النقدية: تقنية نقدية جادة وجديدة في التعامل مع فن الرواية والقصة.
– والكاتب عبود كسخو الذي كتب في جريدة الثورة السورية:
أن الناقدة الأردنية أمينة العدوان ناقدة موهوبة ومثقفة في آن واحد، فقد استطاعت أن تقدم للقارئ عملاً نظيفاً أقل ما يقال فيه أن خلاصة ذوق وجهد وفضول معرفي واعٍ.
– وكتب الأديب الأردني إبراهيم العجلوني في جريدة الرأي:
إن لأمينة العدوان قدرة فائقة على تقصي الأعمال الأدبية المحلية وتشريحها وإعادة تقديمها إلى القارئ مما يعطي كتاباتها صفة وثائقية.. نرجو أن تنهض الكاتبة بأعبائها.. مع مزيد من التقدير لعملها الجاد، وطموحها الكبير.
– وكتب الدكتور حسين جمعة:
لقد تمكنت الناقدة في مقالاتها هذه التي ينتظمها خيط واحد وتلتقي جميعاً في محصلة واحدة، وهي مقت الظلم الاجتماعي والحرب على الطبقات المسحوقة.. أن تتغلغل في أعماق المجتمع وأن تظهر مدى انسحاق الإنسان وخضوعه في المجتمع الطبقي وعدم قدرته على تحقيق ذاته والاحتفاظ بكرامته وإنسانيته.
والأهم في الأعمال النقدية للأديبة أمينة العدوان، تأكيدها العملي على أن النقد إبداع، مكمل للنصوص التي ينقدها.. لا يجتر ولا يجترح منها.. ثم هذا التواصل في الإصدارات الأدبية من داخل المملكة وخارجها الأمر الذي يعوض النقص الذي تعانيه المكتبة العربية على صعيد أدب المرأة.
والجدير بالذكر أن الأديبة أمينة العدوان هي عضو الهيئة التأسيسية لرابطة الكتاب الأردنيين وعضو الهيئة الإدارية أيضاً، ومن المواقع المهمة التي تسلمتها رئاسة تحرير مجلة أفكار، ورئاسة القسم الثقافي في وزارة الثقافة، وقد ترجمت قصائدها إلى اللغة الانجليزية في كتاب ترجمة الشاعر الدكتور عبد الله الشحاح بعنوان (أصوات متمردة).